استجاب الله لنا آلاف الدعوات لكننا ننسى ...
فالإجابة لا تكون فورية دائما ، ولكن الدعوة تستجاب فى الوقت الذى حدده الله فتنسي أنها إجابة دعوة ..
تذكر لقد دعوت الله أن يرزقك النجاح، العمل، المسكن، الزواج، الذرية، توسيع الرزق، الشفاء ... آلاف الدعوات وقد أجيبت ....
مقال كتبه الأستاذ عمرو خالد بمجلة المرأة اليوم بتاريخ 20/1/2004
وهذا هو نص المقال:
نبدأ حديثنا اليوم بهذه القصة اللطيفة وبطلها الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه ،من المعروف أن أم سيدنا أبي هريرة كانت كافرة. بل شديدة الكفر ، وتسب النبي صلى الله عليه وسلم فذهب أبو هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم يصف له الموقف قائلا: يا رسول الله أمي ترفض الإسلام ، وكلما أعرضه عليها تسمعني أسوأ ما يمكن من الشتائم ، ويبكي أبو هريرة .إنه حزين على أمه ، ثم يقول: يا رسول الله ادع الله أن يهدي أمي.
فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن قال: "اللهم اهد أم أبي هريرة ". فاستبشر أبو هريرة بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم. وعاد إلى البيت. يقول: فدخلت على أمي فقالت: يا أبا هريرة ، فظن أنها ستبدأ سلسلة الشتائم. فرد أبو هريرة قائلا: نعم أمي، فقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، يقول أبو هريرة: فضحكت حتى بكيت، وعدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعا أقول له: أبشر يا رسول الله فقد استجيبت دعوتك. فحمد الله ، وأثنى عليه لاستجابة الدعاء.
ثم قال أبو هريرة: يا رسول الله ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى المؤمنين، ويحبب المؤمنين إلينا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين ". يقول أبو هريرة : فلم يسمع بي أحد ولم يرني إلا أحبني".
اللهم، إنا نشهدك أنا نحب أبا هريرة استجابة لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم. اللهم إنا نسألك أن ترزقنا هذا الحب، حب المؤمنين، أبو هريرة يرسخ لنا معنى الحب فى الله.
هل لاحظت شيئا فى قصة أبى هريرة ؟! أشعر بأنك فهمت ما أقصد ... نعم حرصه على أمه وإشفاقه عليها . وبخصوص هذا الموقف هناك لفته لطيفة .. حينما أراد أن يدعو رسول الله لأمه بالهداية . لم يسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن اسم أمه !!!
أراك تتعجب وأرى آخر يضحك .. انظروا أيها الأحبة فى الحج تجد قائمة بالأسماء متضمنة اسم الأم ، وكأن الدعاء لن يستجيب إلا إذا قلت : اللهم اغفر لفلانة!".. ليس لهذا الفعل أصل ، فاقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا توقعوا أنفسكم فى الحرج .
إن أبا هريرة لم يطلب من النبي صلى اله عليه وسلم الدعاء لأمه هكذا للخروج من مأزق. أو لأنه تذكر فقط. لا والله لقد كانت لهذا الفعل مقدمات. فكما قلنا: إنه كان حريصا على أمه محبا لها. رغم ما كانت تفعله معه .. إن بر الوالدين لا يكون وليد موقف . وفى غزو ة بدر يقف النبي صلى الله عليه وسلم يتضرع إلى ربه يلجأ إليه فمن له سواه .. يقف بين يدي مولاه: "اللهم أنجز لى .. اللهم أتني ما وعدتني . اللهم إن تهلك هذه العصابة – المجموعة – من أهل الإيمان فلن تعبد فى الأرض". ويبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يسقط رداؤه من شدة الدعاء. ويظهر بياض إبطيه من الإلحاح فى الدعاء. فيشفق عليه سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه قائلا : هون عليك فإن الله منجز لك ما وعدك.
اللهم كما آمنا به ولم نره لا تحرمنا رؤيته ومرافقته فى الجنة .. اللهم اسقنا من يديه الشريفتين شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا، اللهم آمين.
الكل له حال الوقت المعركة ... فما حالك يا رسول الله؟ واقفا بين يدي مولاه يدعوه فهو المرتجي.
ليكن هذا دعاءكم لإخوانكم فى فلسطين . انظر يوم الخندق وقد حوصر المسلمين ولسان حالهم يقول : ماذا نفعل يا رسول الله وقد أحاطوا بنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم قولوا: " اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا"، فظل الصحابة يرددونها. فلم يمر إلا يوم أو يومان إلا قذف الله الريح فى وجوه الكفار.
لا بد من التنويه بأن رسول الله صلى عليه وسلم والصحابة كانوا يأخذون بالأسباب. ويفعلون كل ما فى استطاعتهم من عدة وعتاد . ثم يتوكلون على الله حق توكله ويدعونه. ويلجأون إليه ، ولم يكونوا من المتواكلين. كان هذا تنويها لا بد منه وأنتم تعرفونه. والحمد لله. وليكن هذا دعائنا لإخواننا فى فلسطين. فإنهم فى أشد الحاجة لهذا الدعاء:" اللهم استر عوراتهم وآمن روعاتهم".
عسى الله أن يتقبل من إنسان صالح مخلص يدعوه بهذا الدعاء، فتزاح الغمة وننعم بالأمن والسلام.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل بها الأنبياء من قبلي وأخرت أنا دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة".
ما شعورك بعد قراءة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
أخي الحبيب لو كان الانتماء رجلا للطمنا على وجوهنا لتقصيرنا فى الانتماء لحبيبنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، فالانتماء ليس بالكلام ولا بالشعارات الرنانة الجميلة. لا والله إن الانتماء يقاس بالاقتداء.
يا حبيبي يا رسول الله .. كلما قرأت هذه الكلمة " لأمتي" شعرت بسعادة ونشوة تجتاحان جسدي أن جعلني الله من هذه الأمة ... اللهم ارزقنا شفاعتك يا رسول الله.
أسمعك تقول: إن هذه نماذج إجابة دعوات الأنبياء، وإجابة دعوات نبيا محمد صلى الله عليه وسلم .. إنهم أنبياء .. والأنبياء دعواتهم مستجابة ... آه منك ، إن ما تقوله معناه إنك لم تتعايش مع الآيات والمواقف. وهذه ظاهرة غير جيدة ..
إليك نموذجا سيقنعك وأنا على ثقة تامة بذلك.
يقول سفيان بن عيينة: لا تخافن ألا يستجيب الله لك لما تعمله عن نفسك من السوء. فإنه قد استجاب لشر الخلق إبليس لعنه الله حينما قال: ( أنظرني إلى يوم يبعثون ).. الأعراف :14 ، فاستجاب له الله ( قال إنك من المنظرين ) .. العراف :15..
إبليس استجيب دعوته .. ألا يستجيب لك أنت أيها المسكين؟!
أخي الحبيب ، كيف حالك الآن ؟ أرى علامات الدهشة تعلو وجهك . فهل هذا من الاقتناع واستبدال الشك باليقين أم أنه شيء آخر ؟!
يروى الدكتور عبد الحليم محمود ، شيخ الأزهر الأسبق ، رحمة الله ، قصة حقيقية حدثت فى مصر أن أحد الأثرياء الصالحين لم يجد سبيلا فى فترة من الفترات ليرى أرضه ، وكاد الزرع يصبح حطاما . فجلس الرجل وسط مزرعته الفسيحة وقال: اللهم إنك قلت وقولك الحق: ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا ) ... نوح :10-11 ، وها أنا يا رب أستغفرك راجيا أن تفيض علينا من رحمتك ، ثم أخذ فى الاستغفار ، ومضت ساعات وهو يتابع الاستغفار فى همة وثقة بموعود الله تعالى، وإذا بالسماء تتلبد بالغيوم وإذا بالمطر ينزل فياضا مدرارا
. حقا ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) ، لكن الإنسان دأبه النسيان.
تذكر ( وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون )... البقرة:186
لقد استجاب الله لنا آلاف الدعوات لكننا ننسى ، فالإجابة لا تكون فورية دائما ، ولكن الدعوة تستجاب فى الوقت الذى حدده الله فتنسي أنها إجابة دعوة .. تذكر لقد دعوت الله أن يرزقك النجاح ، العمل ، المسكن ، الزواج ، الذرية ، توسيع الرزق، الشفاء ... آلاف الدعوات وقد أجيبت .
اعلم أخي الحبيب أن النعم التى أنعم الله بها عليك كانت إثر دعاء قد دعوته ، وكذلك المنن التى من الله بها عليك كانت إثر الدعاء أيضا.
أخى الحبيب : لا تنس فإن الحر لا ينسى وداد لحظة ، فما بالك بالعمر كله.
إن الشيطان يأتي للإنسان فيصرفه عن التفكير فى النعم والمنن، حتى لا يعلم أنها من أثر الدعاء فيحب الدعاء فيحي الدعاء ويداوم عليه، فيحرص الشيطان كل الحرص على أن ينسى الإنسان ذلك، وهذا لسببين : السبب الأول : هو أن يجعلك تكره الدعاء من خلال نسيانك أن ما أنت فيه من أثر الدعاء، فيجعلك تظن أن الدعاء لا يستجاب، والسبب الثاني: يجعلك لا تشعر بالقرب من الله، فإجابة الدعاء لها حلاوة فى القلب وأنس وفرحة فتقترب من الله أكثر.
ولهذين السببين يعمل الشيطان جاهدا لصرفك عن التكفير فتنسى.
أعرف أناسا كانوا فى غاية الفسق هداهم الله الآن ، يقولون : إن سبب الهداية دعوات كانت من قلوبنا فاستجاب الله لنا.
لقد استجاب الله لنا آلاف الدعوات لكننا ننسى، فالإجابة لا تكون فورية دائما ، لكن الدعوة تستجاب فى الوقت الذى حدده الله فتنسى أنها إجابة دعوة .. تذكر لقد دعوت الله أن يرزقك النجاح ، العمل ، المسكن ، الزواج الذرية ، توسيع الرزق ، الشفاء .. آلاف الدعوات وقد أجيبت الهم لك الحمد.
أحبتي : إن استجابة الدعاء لها فرحة فى القلب للانتصار على الشيطان .. هيا ادعوا الله الآن وأنتم موقنون بالإجابة ...